أخبار الميثاق موبايل

أخبار الميثاق موبايل

الملح من أمريكا والثوم من الصين


بقلم الدكتور/عبدالعزيز المقالح
----------------------------------------------

لا غرابة أن يتوحَّد الغرب والشرق في أسواقنا المفتوحة على الجهات الأربع، وأن تلتقي في هذه الأسواق المتناقضات، والأسوأ أن نستورد من السلع ما من حقنا أن نصدّره وبكميات هائلة لنغطي به كثيراً من الأسواق الآسيوية والأوروبية كالملح والثوم - مثلاً - إذ ليس هناك بلد في العالم يمتلك جبالاً من الملح وودياناً لم تكن تزرع سوى الثوم والبصل وغيرها من البقوليات والبصليات التي تشتهر المناطق المرتفعة بزراعتها على مدار شهور العام، ولم يكن في حسبان إنسان واحد في هذه البلاد أنه سيأتي وقت عجيب وغريب نستورد فيه الملح والثوم والفلفل والزبيب والفاصوليا والفول وغيرها من الخارج تحت أعذار واهية أو لا أعذار على الإطلاق.

ويقتضي الحديث عن ملح الطعام الإشارة إلى أنه، كسلعة ضرورية، يحتاج إليها كل بيت ويتساوى في استهلاكها الأغنياء جداً والفقراء جداً، قد كانت في قديم الزمان تشكل عملة صعبة وسلعة استراتيجية تتصارع عليها الشعوب وتشن من أجلها الحروب، وكان للملح في ذلك الزمان مكانة تفوق مكانة البترول في هذا العصر، وإن كان - يومئذ - معدوداً في مقدمة المعادن الثمينة وأهم من الذهب والفضة. ومن حسن حظ اليمن أنها كانت من أغنى بلدان العالم بهذا المعدن النفيس أو الذي كان نفيساً، وما يزال في مقدور بلادنا في الوقت الحاضر أن تنتج أجود أنواع الملح، وأن تصدره إلى الشرق والغرب، لكن أرض الملح وبلاد جبال الملح تستورده كل عام بالدولارات من الولايات المتحدة واليابان، علماً أن الدولة الأخيرة تستورد ملح الصليف وتعيد تصديره إلينا في علب أنيقة.

ولعل ما يغيظ المواطنين أن أثرياءنا وتجَّارنا الكبار يشتغلون بالتوريد ولا يعرفون معنى للتصدير أو حتى يهتمون بتوفير الحد الأدنى من الاكتفاء الوطني في بعض السلع الصغيرة التي تستنـزف من العملات الصعبة ما الوطن أحوج ما يكون إليه.

والذين دخلوا عصر الصناعة في بلادنا اكتفوا حتى الآن بتصنيع الإسفنج ومشمّعات البلاستيك، التي فاقت مخاطرها كل تصور بعد أن أغرقت القرى والوديان والتصقت بالأرض وتوشك أن تمنعها عن إنتاج المزروعات لعدم تسرب مياه الأمطار أو مياه الآبار إلى التربة التي أصبحت مشبّعة بأكياس البلاستيك التي يوزعها تجَّار التجزئة بسخاء منقطع النظير. ولا يدري أحد ما الذي يمنع واحداً من التجَّار أو عدداً منهم من إقامة مصنع لتعبئة الملح وإضافة مادة اليود إليه ليصبح مكتمل الفائدة ووفق شروط الجودة العالمية، وذلك لمنع استيراد هذه السلعة حمايةً للمنتج المحلي الذي لن يكون الوحيد المحتاج إلى حماية. و

إننا إذ نشكر الدول التي تصدّر إلى اليمن ما هي في غنى عنه، وشكرنا لهذه الدول الفاضلة هو لما تبذله من حرص على إغراق أسواقنا بكل ما نريد وما لا نريد دون أن نبذل أي جهد يذكر، ويكفينا أن ننام ونمد أيدينا إلى أقرب سوق لنجد كل ما نحتاج إليه متوفراً وبأسعار خيالية وبعملة محلية سريعاً ما تتحول إلى عملة صعبة تسافر عبر البنوك أو عبر الحقائب إلى بلدان المنشأ، منشأ الملح والثوم على سبيل المثال لا الحصر.

ومنذ أيام أقسم لي أحد أساتذة الاقتصاد الوطنيين أن تسعين في المائة مما يباع في البقالات الكبيرة والصغيرة وما تمتلئ به الأسواق يعد من الكماليات غير الضرورية، ومما لا حاجة للشعب إليه في الوقت الحاضر على الأقل، وحتى يفيض اللَّه علينا ببركاته كما أفاضها على غيرنا من الشعوب القريبة والبعيدة، ولكن من يقنع ما يسمى بالمجلس الاقتصادي والوزارات المتخصصة؟!

يريم الثقافي .. مفاجأة سارة:

{ قرأت بإعجاب وتفاؤل كبيرين، العدد الأول من «يريم الثقافي»، الصادرة عن مجلس يريم الثقافي والاجتماعي، وهي كرَّاسة ثقافية تقدم نماذج من القراءات الأدبية والفكرية تكشف عن خامات إبداعية لشباب المدينة البديعة التي تشكل واسطة العقد بين المدن اليمنية في شمال الوطن وجنوبه. وتتمحور افتتاحية العدد الأول، التي كتبها رئيس التحرير الأستاذ زيد ضيف اللَّه ملك، حول المثقف ودوره ورسالته، ومما جاء فيها : «يأتي هذا العدد في وقت يشعر فيه المثقف بأن دوره ينبغي أن لا يكون مختزلاً في الكتابة، بل يتعداها إلى الفعل الثقافي الخلاَّق الذي يمارس عبر التوعية والتربية».

تأملات شعرية :

أقول لكم :

إن شعباً بلا هدفٍ وبلا رغبةٍ في الحياة الكريمةِ لا يستحق الحياهْ.

وأقول لكم :

إننا قد شبعنا كلاماً ولم يبقَ في صفحة الأرض أو في السماء فراغٌ تخط عليه النفوس الحزينة كِلْمةَ «آه»!








عن الاجماع الدولي حول الوحدة اليمنية


بقلم / فيصل جلول
-----------------------------

لوحظ مؤخرا ان البلدان الغربية الاهم في العالم قد اتخذت مواقف متشابهة من الوحدة اليمنية بل مواقف قوية الى حد غير مسبوق في وضوحه وتصميمه. والملاحظ ايضا ان هذه المواقف وقعت خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا. اشارة البدء كانت من البريطانيين على هامش اجتماع الدول المانحة فقد اعتبروا ان اليمن الموحد انجاز في غاية الاهمية ينبغي الحفاظ عليه وان الوحدة شرط لاستقرار اليمن والاقليم والعالم. ومن بعد اكد الفرنسيون على الموقف نفسه خلال زيارة الرئيس علي عبدالله صالح الاخيرة لباريس وعبر لقاءاته المتعددة مع الرئيس الفرنسي ووزيره الاول وعدد من المسؤولين الاخرين. واخيراً قرانا تصريحات للسفير الامريكي في صنعاء يؤكد فيها انه كان دبلوماسياً في الخارجية الامريكية عام 1994 وانه يذكر ان بلاده اتخذت موقفا قوياً من الوحدة اليمنية و اكد انها مازلت الى اليوم تعتقد ان الوحدة عنصر اساسي في استقرار اليمن والاقليم والعالم.

ولايبقى من الدول العظمى الاساسية غير الروس وهؤلاء نعرف موقفهم القوي المؤيد للوحدة اليمنية منذ الاعلان عنها وكذا الامر بالنسبة للصين التي لم يعرف عنها التدخل في شؤون الاخرين مع ميلها الدائم نحو المواقف المعتدلة والبعيدة عن شق البلدان وتقسيمها.

وفي اوروبا تبقى المانيا وهي من الصعب ان تؤيد تشطير البلدان بعد ان عانت طويلا من التشطير ولعلها من اوائل الدول التي ايدت ودعت لمباركة الوحدة اليمنية.

من النادر ان تجتمع دول العالم الاساسية على موقف موحد من قضية تهم بلداً بعينه كما هي الحال بالنسبة للوحدة اليمنية علما ان هذه الدول ليست منسجمة تماما في سياساتها الخارجيةوفي مصالحها وفي علاقاتها الدولية وبالتالي نراها تختلف فيما بينها هنا وهناك وهنالك ولئن تجتمع حول قضية واحدة وتعبر عن تأييدها لهذه القضية وتقريبا بنفس العبارات القوية فلهذا الامر اسبابه التي نراها في الاحتمالات التالية:

اولا: لقد تمت الوحدة اليمنية بطريقة شرعية وضمن القانون الدولي ووثقت في الاطر والمؤسسات الدولية دون اعتراض من شخص يمني واحد معروف وحظيت بتأييد صريح من الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي فبانت كاملة الاوصاف على هذا الصعيد لااحد يناهضها حتى وان كان كثيرون خارج اليمن في حينه يخشون من قيامها. ان هذا الاجماع على الوحدة اليمنية اعطاها زخما مازالت اثاره ماثلة حتى اليوم في الفضاء الدبلوماسي وبالتالي من الصعب العثور على ثغرات قانونية يمكن النفاذ منها والبناء عليها في سياق موقف مؤيد للانفصال.

ثانيا:ثمة من يعتقد ان الدول الغربية يمكنها ان تشطر المشطر ساعة تريد ويمكنها ان تمرغ كل الاتفاقيات الدولية بالوحل ان رغبت وهو قول صحيح تماما شرط ان يتوافر لها عنصران اساسيان الاول هو ان تكون مصالح هذه الدول متطابقة مع تشطير هذا البلد او ذاك وثانيا ان تكون القوى الماثلة في هذا البلد مهيأة لتحمل مسؤولية لعبة قذرة من هذا النوع وبالتالي تحمل نتائجها وقد لاحظنا في السابق ونلاحظ اليوم كيف تم التلاعب بوحدة البلدان والدول على اسس عرقية ولغوية ودينية ومن حسن الحظ ان هذه الاسس غير متوافرة في اليمن الموحد الذي يخلو من الاكراد والتكارير والاقباط و اليهود وعبدة الشيطان والوثنيين.. الخ. وبالتالي من الصعب العثور على ما يشبه هذه الفئات واحتضانها ومن ثم توظيفها للضغط على الحكم واخضاعه او شق البلاد والعباد من حوله. ولعل هذه الصعوبة الموضوعية تعيق على الاقل عبث البلدان الاجنبية بشؤون اليمن.

ثالثا:من حسن حظ التيار الوحدوي اليمني الغالب ان الوحدة اليمنية معقودة ايضا على المصالح العالمية فمن المعروف في ايامنا هذه ان معظم الانتاج العالمي يتم في اوراسيا. هنا تتجمع الثروات وهنا يتجمع الانتاج العالمي وهنا تتركز السياسات الدولية واليمن يقع على طريق هذه الثروات كما كان في القرن التاسع عشر على طريق الهند الشرقية حيث كانت تتجمع الثروة الامبراطورية البريطانية فضلا عن ذك يتمتع اليمن بقدر من الثروة النفطية والغازية على هذه الطريق وبالتالي فان استقراره عنصر حيوي للغاية وبما ان هذا الاستقرار سيتعذر قطعاً عبر الحروب الاهلية الانشطارية على الطريقة الصومالية فان الحفاظ عليه يستدعي موقفا ثابتا وقويا من الوحدة اليمنية .

رابعا: هكذا تتجمع عناصر قوية يمنية واقليمية دولية لتصرخ بوجوب بقاء اليمن موحدا بيد ان هذا ليس ترخيصا مفتوحا لنهب ارضية من هنا او للاساءة الى مصالح هذه المدينة او تلك او لاهمال البطالة في هذه المحافظة او تلك او لصم الاذان على المطالب العادلة هنا او هناك .

نعم يكسب الذين يرفعون مطالب عادلة مع الوحدة اليمنية ويخسرون عدالة مطالبهم عبر ربطها بالانفصال ما يعني وجوب اخراج الوحدة اليمنية من السجال المطلبي الداخلي والعمل تحت سقفها اما سقف المطالب العادلة فيجب ان يظل مفتوحا حتى يصل كل ذي حق الى حقه.

ان تكون مع الوحدة اليمنية يعني ان تكون مع العدالة والحرية والمساواة وكل ادعاء اخر لا يعول عليه.

ثورة 14 أكتوبر تعاظمت بوحدة شعبنا


بقلم / عبد ربه منصور هادي
---------------------------

كانت ثورة 14 أكتوبر عام 1963م أهم حدث تاريخي في اليمن وتعد من كبريات ثورات التحرر الوطني في العالم، فبقدر ما أنجزت الاستقلال الناجز للجنوب اليمني المحتل، بالقدر نفسه كان لها تأثيرها في تغيير موازين القوى في العالم وحسبها أنها مثلت نهاية للحقبة الاستعمارية التي كانت السيطرة فيها للامبراطورية التي كانت توصف بأن الشمس لا تغيب عنها، على أنه من الإنصاف القول إن ثورة 14 أكتوبر 1963م هي امتداد لنضالات سابقة وتضحيات كبيرة بدأت في اليوم الأول الذي نزلت فيه طلائع المستعمرين من سفنهم إلى عدن في 19 يناير 1839م فقد تصدى لها اليمنيون في تلك الصبيحة التي قدموا فيها كوكبة من الشهداء واستمروا في ثورة متواصلة بلغت ذروتها في نهاية الرابع عشر من أكتوبر 1963م وتمكنت من انتزاع الاستقلال الناجز في غضون أربع سنوات.

إننا عندما نحتفل بذكرى الأحداث الكبرى في تاريخنا، كما هو الحال اليوم ونحن نحتفل بالذكرى السابعة والأربعين لثورة 14 أكتوبر المجيدة انما نحتفل بمآثرنا العظيمة التي ينبغي أن تبقى حية في نفوس وضمائر وعقول الأجيال اليمنية لنستمد منها الشعور بالعظمة والثقة بالنفس ونتعلم عبراً ودروساً في حب الوطن وفي الانحناء احتراماً لشهدائنا، والأحياء من نساء ورجال هذا الشعب الذين يتفانون في خدمة وطنهم وحراسة مكتسبات شعبهم.. ومن تلك العبر والدروس التي ينبغي استلهمامها واحدية الثورة اليمنية التي عكستها وحدة الشعب اليمني التي كانت ولا تزال شاهداً على أن اليمنيين اينما وجدوا وفي المساحات التي توزعوا عليها وحدتهم نضالاتهم في سبيل الانعتاق من الإمامة في الشمال والتحرر من الاستعمار في الجنوب، وتجلى ذلك بوضوح في مشاركة اخوة الجنوب لإخوة الشمال والعكس صحيح في مواقع النضال والثورة ، فقد كانت عدن مأوى للمناضلين ضد الامامة وكانت صنعاء وتعز ملاذاً للمناضلين في سبيل التحرر الوطني من الاستعمار، وكما ارتوت أرض الشمال بدماء المناضلين والمقاتلين الذين قدموا من مختلف مناطق الجنوب للدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري في الشمال وفك الحصار عن صنعاء ، فقد كان إخوة الشمال جزءاً من حركة التحرر الوطني ضد الاستعمار في الجنوب.. وتلك مجرد شواهد محدودة في سجل تاريخي زاخر بالشواهد الكثيرة والساطعة التي تؤكد أن الشعب اليمني موحد عبر التاريخ وأن حالة التجزئة لم تكن سوى الاستثناء، وإنه رغم تلك التجزئة التي فرضتها القوى الاستعمارية والامامية طيلة عقود فإن الشعب اليمني ظل متجاوزاً لتلك التجزئة وتمكن في النهاية من القضاء عليها.

إن احتفالنا بالذكرى السابعة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر هو احتفال بتلك المآثر وإعلاء لتلك الحقائق التي لا يمكن قهرها أو طمسها أو المكابرة حولها، فثورة الرابع عشر من أكتوبر تعاظمت بوحدة هذا الشعب ، ولذلك كان المشروع الوحدوي أهم محرك لقوتها، فقهرت الاستعمار ووحدت عدن و 23 مشيخة وإمارة في إطار وطني، وظل هذا المشروع الوحدوي مكونا أساسيا في جوهرها برهن عن نفسه في التقاء الثورتين اليمنيتين والسير معاً نحو إنهاء حالة التشطير وتحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م وهي ثمرة لذلك التراث الوحدوي للشعب اليمني الذي أنتجه عبر مختلف المراحل التاريخية وهو تراث ثقافي وسياسي ونضالي من الثراء والقوة بحيث يقهر كل محاولات التنكر له.

كما أن احتفالنا هذا العام بالذكرى السابعة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر هو احتفال بإنجازات تحققت وتتحقق على الأرض اليمنية، وفي كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وهي إنجازات كبيرة وكثيرة رغم محدودية الموارد ورغم المعوقات التي تتعمد قوى الإرهاب والخارجون على القانون صناعتها ووضعها في طريق التنمية والاستقرار، ولكننا مطمئنون كل الاطمئنان.. أننا في ظل قيادة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - قادرون على مواجهة تلك القوى وإنهاء شرورها ، والسير قدماً في طريق التنمية مدعومين بهذا الشعب المكافح وقواه الخيرة التي تشاركنا في حمل الهموم الوطنية وتتطلع مثلنا إلى غد أفضل..
------------------------------------------------------------------------------------

٭ نائب رئيس الجمهورية- النائب الاول لرئيس المؤتمر الشعبي العام- الامين العام.

من أين نبدأ.. ؟!

بقلم/ عبده بورجي
--------------------------
ضمن سلسلة من اللقاءات والحوارات المثمرة التي أجرتها "منظمة اليمن أولاً" مع عدد من النخب والفعاليات الثقافية والمهنية كان هناك لقاء على غاية من الأهمية مع عدد من القيادات التربوية والنقابية وخبراء في إعداد المناهج التعليمية وكان محور النقاش هو كيف يمكن أن تتضافر الجهود من أجل بناء جيل وطني محصن بقيم الولاء والانتماء والحب للوطن.. ومن أين نبدأ؟ وحيث توافقت الآراء على ضرورة إعادة النظر في بعض مناهج التعليم خاصة مواد التاريخ والتربية الوطنية والقراءة والتي لها صلة بغرس تلك القيم المنشودة وزرع مشاعر الفخر والاعتزاز بالوطن في نفوس جيل النشء والشباب..

• ولا أخفيكم سراً بان النتيجة كانت (مفزعة) ومثيرة لكثير من دواعي القلق وعدم الاطمئنان عندما قدم احد التربويين المخلصين من ذوي الخبرة قراءة سريعة لشذرات مختارة من بعض النصوص والمضامين التي احتوتها بعض تلك المواد والتي قدمت فيها بعض حقائق التاريخ اليمني بصورة مغلوطة أثارت الكثير من التساؤل والدهشة! ومثال بسيط علي ذلك ان نصوصاً مختلفة تضمنتها بعض المناهج في طبعات و مراحل مختلفة من التعليم تبدأ بالحديث في احد تلك النصوص عن الطاغية يحيى حميد الدين ليتغير هذا النص في طبعة تالية تختفي كلمة الطاغية لتستبدل بالامام وفي طبعة أخرى من ذات المنهج يقدم هذا الأمام ليس كطاغية مستبد ولكن كبطل تحرير وطني قاوم الاتراك وحقق الاستقلال ونموذجاً للحاكم العادل المستنير !

• وتخيلوا معي ان جيلاً من الشباب اليمني ترعرع وقد تشرب عقله بمثل هذه المعلومات المغايرة لحقائق الواقع التي تسللت في غفلة من الزمن إلى مناهجنا التعليمية بفعل فاعل حاول من خلال "دسها" متعمداً تقديم إدانة واضحة لاولئك الشهداء والمناضلين الاحرار الذين ثاروا على ذلك النظام وقدموا أرواحهم رخيصة من أجل الحرية والانعتاق من براثنة بعد ان جثم على صدور ابناء شعبنا ردحاً طويلاً من الزمن..

• وعلى جانب آخر تم استعراض أحد النصوص الشعرية الجميلة تضمنها كتاب (للقراءة) وكان يتغنى بالوطن الجميل وحافل بمعاني الانتماء والولاء له وتنمية مشاعر الذوق والفخر والزهو في النفوس ليستبدل ويا للعجب بموضوع عن الذباب؟! وهكذا دواليّك فيما اذا أبحر المتأمل المهتم وقام بقراءات متعمقة لنصوص ومعانٍ مماثلة في مثل هذه المواد الدراسية التي ظل يتلقاها طلابنا وطالباتنا لسنوات وفي مراحل التعليم الاساسي والثانوي ليتخرجون للحياة وقد تشوش تفكيرهم واضطربت عقولهم بالحقائق والمعلومات الخاطئة والمزيفة وأختل الولاء والانتماء في نفوسهم وضمائرهم..

فماذا تنتظر إذاً من مثل هذا الجيل أن يفعل او ينهض بمسؤلياته الوطنية المستقبلية وكيف يكون حبه للوطن وفخره بالانتماء اليه وهو يقرأ عن تاريخ حضارته والتي صنعت أمجاداً وحياة ورفاهية ممتدة جذورها أكثر من أربعة الاف سنة سواء في عهد ممالك سبأ أو حمير أو معين أو قتبان او أوسان..الخ بأنها لم تكن بارعة سوى في صناعة الاصنام!..وكيف يمكن لهذا الجيل ان يدافع عن هويته الوطنية وعظمة الوحدة والزهو بقيمتها في حياته كعنوان للعزة والقوة والشموخ والتقدم والكرامة وهو الذي لم تقدم له مناهج التعليم أي شئ من حقائق تاريخه قديمه وجديدة عن مسيرة الوحدة في حياته باعتبارها الثابت اليقيني الراسخ الذي لم تتزعزع قناعات اليمنيين به او تثبط من عزيمتهم تلك النكسات المؤقتة من التجزئة والانقسام نتيجة صراعات بعض الحكام أو ارتهانهم لإرادة أجنبية طامعة او متربصة وحيث لم تكن فترات التجزئة والتشطير التي مر بها اليمن إلا حالات استثنائية قليلة سرعان ما كانت الاجزاء المشطور قسراً من الوطن اليمني في أي من اتجاهاته الجغرافية الاربع تعود إلى أحضان الوحدة لان التجزئة والتشطير لم تكن من نتائجها سوى الضعف والهوان والتمزق والصراع والدماء وغزو الاجانب وتسلطهم ودس أنوفهم في الشأن اليمني والتدخل فيه ونهب خيراته.
• إذاً بعد كل ذلك ألا ترون معي بأننا جميعاً بحاجة فعلاً إلى وقفة موضوعية جادة مع النفس والضمير لندرك من أين نبدأ؟ وكيف نحصن أولادنا وبناتنا..ونصون وطننا ونحبه لنحافظ على وجودنا ومستقبل أجيالنا!